سطّرت الربّاعة المصرية نهلة رمضان اسمها بحروف من ذهب في تاريخ الرياضة المصرية، حيث حققت إنجازات عالمية غير مسبوقة في رفع الأثقال، قبل أن تتوقف مسيرتها بسبب المرض الذي أبعدها عن منصات التتويج، وأدخلها في دوامة من المعاناة الصحية.
البداية.. موهبة استثنائية تنطلق من الإسكندرية
وُلدت نهلة رمضان عام 1987 في محافظة الإسكندرية، ونشأت في كنف عائلة رياضية، حيث كان والدها أحد المدربين البارزين في رياضة رفع الأثقال للسيدات، وبدأت مسيرتها في سن مبكرة، وبفضل موهبتها الفذة، شاركت في بطولة العالم للناشئين باليونان وهي لم تتجاوز 12 عامًا، وساهمت في تحقيق المنتخب المصري للمركز الخامس في البطولة، مما لفت الأنظار إليها كموهبة واعدة في اللعبة.
استمرت نهلة رمضان في التألق على الصعيد الدولي، حيث حصدت في بطولة العالم 2002 التي أُقيمت في التشيك ميداليتين فضيتين وبرونزية، قبل أن تحقق إنجازًا تاريخيًا في بطولة العالم للكبار 2003 التي أُقيمت في كندا، عندما حصدت ثلاث ميداليات ذهبية، وهي في سن 16 عامًا فقط، لتصبح بذلك أول مصرية تفوز بذهبية في بطولة العالم منذ خمسينيات القرن الماضي.
وفي عام 2004، شاركت نهلة رمضان في دورة الألعاب الأولمبية بأثينا، وواصلت مشوارها الناجح بحصد الميدالية البرونزية في بطولة العالم 2006، مما عزز مكانتها كإحدى أبرز الربّاعات في العالم.
العودة رغم الإصابة ثم الاعتزال القسري
قبل أولمبياد بكين 2008، تلقت نهلة رمضان صدمة كبيرة بوفاة والدتها بعد صراع مع مرض السرطان، مما جعلها تفكر في الاعتزال المبكر، إلا أنها قررت تجاوز أحزانها والعودة إلى التدريبات استعدادًا للمشاركة في الأولمبياد، لكن الاتحاد المصري لرفع الأثقال رفض انضمامها للبعثة، بعدما شطبها في وقت سابق بسبب عدم تمكنها من رفع الأوزان المطلوبة، رغم تحقيقها أرقامًا كانت كافية للفوز بميدالية.
رغم التحديات، لم تستسلم نهلة رمضان، وشاركت في أولمبياد لندن 2012 رغم معاناتها من إصابة خطيرة تمثلت في قطع بثلاثة أربطة وتمزق في الغضروف الداخلي، وعلى الرغم من ظروفها الصحية، احتلت المركز الخامس في المنافسات، قبل أن يتم لاحقًا تعديل تصنيفها إلى المركز الرابع، بعد إلغاء نتائج الربّاعة الأرمينية هريسيم كاشيردان بسبب ثبوت تعاطيها المنشطات.
وفي عام 2013، تعرضت نهلة رمضان لعقوبة الإيقاف من قبل الاتحاد الدولي لرفع الأثقال، وهو ما أثر سلبًا على مسيرتها الرياضية، ولم تتوقف معاناتها عند ذلك، إذ بدأت حالتها الصحية في التدهور منذ عام 2017، حيث ظهرت عليها أعراض نزيف مستمر في الفم، وبعد الفحوصات الطبية، تم تشخيص إصابتها بـ حمى البحر المتوسط والذئبة الحمراء، وهما مرضان نادران تسببا في تيبس مفاصلها وضمور عضلاتها، مما أفقدها القدرة على الحركة بشكل طبيعي.
دعم حكومي لمواصلة العلاج
في ظل حالتها الصحية المتدهورة، أعلنت وزارة الشباب والرياضة المصرية عن متابعة حالتها الطبية عن كثب، حيث أصدرت بيانًا رسميًا أكدت فيه أن اللجنة الطبية العليا تتولى الإشراف على علاجها داخل مستشفى مصطفى كامل، تحت رعاية مجموعة من كبار الأطباء والاستشاريين.
وأوضح البيان أن وزارة الصحة درست إمكانية سفرها للعلاج في الخارج، مشيرة إلى أن هناك بروتوكولات طبية يجب اتباعها، من بينها عدم توافر العلاج المطلوب داخل البلاد، إلا أن الوزارة أكدت أن العلاج متاح داخل المعهد القومي للأورام والمستشفيات الجامعية، وهو ما يجعلها غير مؤهلة للسفر وفقًا للضوابط المعمول بها.
رغم التحديات القاسية التي واجهتها، تظل نهلة رمضان واحدة من أعظم الرياضيات في تاريخ رفع الأثقال المصري والعالمي، حيث كانت نموذجًا للروح القتالية والطموح الذي لا يعرف المستحيل، وبينما تخوض حاليًا معركتها الصحية، يأمل الجميع أن تتلقى الدعم اللازم لتستعيد صحتها وتواصل حياتها بعد مسيرة رياضية استثنائية لمعت خلالها في المحافل الدولية.