في تطور صادم للمشهد الصحي في الولايات المتحدة، عادت الحصبة للظهور بقوة في ولاية تكساس، مسجلة مئات الإصابات وحالتي وفاة بين الأطفال خلال أسابيع قليلة، ما دفع وزير الصحة الأميركي إلى التحرك الفوري وزيارة الولاية، حسب ما أكدته مصادر إعلامية محلية مطلعة.

وزارة الصحة في تكساس أعلنت رصد 59 حالة جديدة خلال 72 ساعة فقط، لترتفع الحصيلة الكلية إلى 481 إصابة منذ أواخر يناير، بينما ذكرت بيانات فيدرالية أن العدد الإجمالي على مستوى البلاد بلغ 607 إصابات حتى بداية أبريل، وهو رقم يتجاوز بأضعاف الحالات التي سُجلت طوال عام 2024.

رغم أن الحصبة تُعد من الأمراض التي أمكن السيطرة عليها بفضل اللقاحات، فإن عودتها بهذه السرعة والحدة تثير قلقاً واسعاً بين مسؤولي الصحة، خاصة وأن معدل التطعيم تراجع في بعض المجتمعات لأسباب دينية أو ثقافية، ما خلق بيئة خصبة لتفشي الفيروس، مثل ما حدث في منطقة “المينونايت” بمقاطعة غينس، حيث أظهرت الإحصاءات أن أقل من نصف الأطفال تلقوا الجرعة الوقائية.

تُعتبر الحصبة من أكثر الفيروسات قدرة على الانتشار، إذ تنتقل من خلال الهواء أو عبر اللمس، ويمكن أن تبقى نشطة في الأجواء أو على الأسطح لساعتين كاملتين، ويكفي أن يُصاب شخص واحد لينقل العدوى إلى تسعة من كل عشرة أشخاص لم يتلقوا اللقاح.

تبدأ أعراض المرض بعد حوالي عشرة أيام من التعرض للعدوى، وتشمل سيلان الأنف واحمرار العينين وظهور بقع بيضاء داخل الفم، يعقبها طفح جلدي يبدأ من الوجه ويتوسع ليشمل الجسم، فيما قد تؤدي مضاعفات الحصبة إلى أمراض خطيرة مثل العمى، التهابات الأذن، الالتهاب الرئوي وحتى تلف الدماغ.

الجائحة العالمية لكوفيد-19 لعبت دوراً محورياً في تعطيل برامج التلقيح، ما أدى إلى تراجع التغطية العالمية وترك ملايين الأطفال عرضة للعدوى، وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن عام 2023 شهد وفاة أكثر من 100 ألف شخص جراء الحصبة، غالبيتهم من الأطفال دون سن الخامسة.

ولأن العلاج الفعلي غير متوفر، تركز الرعاية الطبية على التخفيف من الأعراض ومنع المضاعفات، باستخدام محاليل الجفاف، المضادات الحيوية للعدوى الثانوية، ومكملات فيتامين “ألف” للحد من العمى وتقليل معدلات الوفاة.

وتبقى الوقاية السلاح الأقوى، حيث توصي منظمة الصحة العالمية بتلقي جرعتين من اللقاح، وتؤكد أن تغطية التطعيم الكاملة قادرة على حماية المجتمعات بشكل شبه كامل، مشيرة إلى أن تكلفة اللقاح لا تتجاوز دولارًا واحدًا لكل طفل.

لكن رغم هذه الفعالية، لم يحصل أكثر من 22 مليون طفل حول العالم على أي جرعة خلال العام الماضي، ما يهدد بعودة المرض إلى الواجهة من جديد، إن لم يتم سد هذه الفجوة بالتوعية وتعزيز حملات التطعيم في كل مكان.